كل التجار يدخلون النار إلا المتقين


السؤال : لو سمحت يا شيخ هل فيه حديث بيقول ( كل التجار يدخلون النار إلا المتقين ) ؟

 

الجواب
الحمد لله.
لم نقف على هذا الحديث ، وبهذا اللفظ ، في شيء من كتب السنة ، ولكن قد ورد في السنة الصحيحة ما يشبهه ، فمن ذلك :
عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ التُجَّارَ يُبعَثُونَ يَومَ القِيَامَةِ فُجَّارًا ، إِلَّا مَن اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ )
أخرجه الترمذي (1210) والدارمي (2/247) وابن ماجه (2146) وابن حبان (11/276)
قال الترمذي : حسن صحيح . وقال الحاكم : صحيح الإسناد . ووافقه الذهبي .
وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (994)
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (4/336) :
" ( إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ ) بأن لم يرتكب كبيرة ولا صغيرة ، مِن غِشٍّ وخيانة ، أي : أَحسَنَ إلى الناس في تجارته ، أو قام بطاعة الله وعبادته ، ( وَصَدَقَ ) أي : في يمينه وسائر كلامه .
قال القاضي : لمَّا كان من دَيدَنِ التجار التدليس في المعاملات ، والتهالُكُ على ترويج السلع بما تيسر لهم من الأيمان الكاذبة ونحوها ، حكم عليهم بالفجور ، واستثنى منهم من اتقى المحارم ، وبرَّ في يمينه ، وصدق في حديثه .
وإلى هذا ذهب الشارحون ، وحملوا الفجور على اللغو والحلف ، كذا في المرقاة " انتهى .
كما جاء في السنة الصحيحة ما يدل على سبب وصف التجار بالفجور ، وهو ما يتلبَّسُونَ به من الحلف الكاذب وإخلاف الوعد .
عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ التُجَّارَ هُمُ الفُجَّارَ ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ أَوَ لَيسَ قَد أَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلِكِنَّهُم يُحَدِّثُونَ فَيَكذِبُونَ ، وَيَحلِفُونَ فَيَأثَمُونَ )
رواه أحمد (3/428) والحاكم (2/8) وقال صحيح الإسناد ، وصححه محققو المسند . والألباني في "السلسلة الصحيحة" (366)
وإلا فإن التجارة من أفضل أنواع المكاسب لمن بَرَّ وصدق ، فإن التاجر الصدوق الأمين له من الأجر الشيء العظيم .

 


عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ )
رواه الترمذي (1209) وقال : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وقال ابن تيمية كما في "المستدرك على مجموع الفتاوى" (1/163) : إسناده جيد .
يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله في "إحياء علوم الدين" (2/79) :
" وجه الجمع بين هذه الأخبار تفصيل الأحوال : فنقول :
لسنا نقول التجارةُ أفضل مطلقا من كل شيء ، ولكنّ التجارة إما أن تُطلَبَ بها الكفاية أو الزيادة على الكفاية
فإن طَلب منها الزيادة على الكفاية ، لاستكثار المال وادخاره ، لا ليُصرَف إلى الخيرات والصدقات ، فهي مذمومة ؛ لأنه إقبال على الدنيا التي حبها رأس كل خطيئة ، فإن كان مع ذلك ظالما خائنا فهو ظلم وفسق .
فأما إذا طلب بها الكفاية لنفسه وأولاده ، فالتجارة تعففا عن السؤال أفضل " انتهى .