السؤال :
ما الواجب علي الشخص إذا أصاب حدا من حدود الله،يعني الزني؟ ولم يعرف أحد بهذا الجرم ؟
الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله ثم أما بعد :
يقول الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى- : ننصح من يتورطون في جريمة عقوبتها الحد أو غيره، وبخاصة ما ليس فيها حق للعباد أن يستروا أنفسهم فلا يبيحوا بها، ولا يطلب أحد أن يُقام عليه الحد لتكفير خَطئه، فالتوبة النصوح أحسن وسيلة. وأوقع في عدم الوصمة للفرد والمجتمع بالانحراف. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : “من أصاب شيئًا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه الحد” رواه مالك في الموطأ. ويقول في مبايعته لأصحابه على عدم الشرك والزنا والسرقة والقتل : “ومن أصاب شيئًا من ذلك فَسَتَرَه الله عليه فَأَمره إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذَّبه”. (رواه البخاري ومسلم).
ويقول فضيلته أيضا : رَوى البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : “كلُّ أمتي مُعَافىً إلا المجاهرين، وإنَّ من المجاهرة أن يَعمل الرجل عملًا بالليل فيَسْتُره ربُّه، ثم يُصْبِح فيَكْشِف سِتْرَ الله عنه”، وروى الحاكم وصححه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : “الحياء والإيمان قُرَناء جميعًا، فإذا رُفِع أحدهما رُفِع الآخر” ولما رجم النبي -صلى الله عليه وسلم- ماعزًا الأسلَمي قال : “اجْتَنِبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمَن ألمَّ بشيء منها فليَسْتَتِر بِسِتْر اللهِ، فإن أبْدَى لَنَا صَفْحَتَه نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللهِ” صحَّحه الحاكم وابن السَّكن، وقال الذهبي في المُهذب : إسناده جيد وقال إمام الحرمين : صحيح متفق عليه، قال ابن الصلاح : عجيب أوقعه فيه عدم إلمامه بصناعة الحديث “الزرقاني على المواهب ج4 ص 261”. ورَوى أبو داود والنسائي أن هُزالًا لمَّا ذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يُخْبُره عن زنا ماعز، فحَضَر ماعز وأقرَّ ورُجِمْ، قال النبي لهُزال : “لو ستَرْتَه بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ”
وَرَوى مسلم وغيره أن رجلًا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- : إني عالجت امرأة من أقصى المدينة وأصبْت منها ما دون أن أمَسَّها، فأنا هذا، فأقِمْ عليَّ ما شئتَ، فقال عُمر: لَقَدْ سَتَرَ الله عليك لو سترْتَ على نفسك، فلم يردَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا. (نيل الأوطار ج7 ص 106). يُؤْخَذ من هذا أن سِتْر الإنسان على نفسه وسترَ الغير عليه مطلوب، ولو استغفر العاصي ربَّه وتاب إليه عافاه الله، والمجاهرون بالمعصية قوم غاضَ ماءُ الحياء من نفوسهم، وتبَلَّد حِسُّهم، وماتت ضمائرهم، فقلَّما يُفكرون في العَودة إلى الصواب وبهذا يموتون على عصيانهم وفسوقهم. فالمطلوب ممن يرتكبون المعصية أيًّا كانت أن يستتروا بها ولا يُفْشوها، وأن ينْدَموا ويتوبوا، وألا يُفْشوها للناس فقد يُقام عليهم الحدُّ أو التعزير، ثمَّ ينْدمون ولاتَ ساعةَ مَنْدَم، وفي الإفْشاء إغراء للبُسَطَاء بالعِصْيان، ووضْع لأنفسهم موضع التُّهمة والاحتقار، ورحم الله امرأ ذبَّ الغيبة عن نفسه، والله يقول : (إنَّ الذِينَ يُحِبُّونَ أنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة ) [سورة النور:19]. انتهى.
اذا اتممت القراءة شارك بذكر سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم